Loading

SFD SFD

قصص من الميدان

وعيُ مجتمعٍ يصنعُ الفرقَ

وعيُ مجتمعٍ يصنعُ الفرقَ
غيل العوار مياه متدفقة طوال العام يتم تغذيتها من الجبال المحيطة بشبام كوكبان وتمر هذه المياه عبر شبكة قنوات تاريخية محفورة في الصخر تحت المدينة منذ قرون عدة وبأعماق تصل إلى 15متر

غيل العوار مياه متدفقة طوال العام يتم تغذيتها من الجبال المحيطة بشبام كوكبان وتمر هذه المياه عبر شبكة قنوات تاريخية محفورة في الصخر تحت المدينة منذ قرون عدة وبأعماق تصل إلى 15متر وهي بذلك تعتبر معلماً اثرياً فريداً وثروة قيمة (المدينة وأهلها في أمس الحاجة لها) غير أن هذا كله دخل عالم النسيان والإهمال بعد عقود من حفر الآبار الارتوازية التي تسحب المياه بشكل جائر بالقرب من منابع الغيل ومصادر تغذيته ليتم بيعها إلى خارج المدينة مما أدى إلى توقف جريان الماء وتم استخدام هذه القنوات التاريخية لتصريف المياه العادمة من كثير من المنازل فضلا عن تراكم جميع أنواع القاذورات داخلها، والبناء العشوائي على مساراتها وفتحات التفتيش (الخوو).

وعبر عقود من الزمن على هذه الحالة تلاشى حضور هذا المعلم من وعي الجيل الحالي من سكان المدينة، ولم يعد يعرفه سوى بعض كبار السن الذين يتذكرون أيضاً عرفاً وقواعد تقليدية نظمت الاستفادة من هذا الغيل فيما مضى.

خلال الأعوام الماضية أطلق الصندوق سلسلة أعمال تهدف إلى صيانة وإظهار معالم هذا الغيل ومساراته وترميمها مع ترميم البركة الرئيسية بالتنسيق والشراكة مع السلطة المحلية.

غير أن كثيرا من العوائق والتهديدات التي تهدد استدامة الغيل دون أن تفلح الجهود التي بذلت في إزالتها وعلى رأسها الاستنزاف المستمر عبر الضخ الجائر من المضخات الارتوازية وكذلك وجود دينمات في أحواش بعض البيوت والتي تسحب مياه الغيل على مسار القناة ، وتلويث القناة والبركة بكل أنواع المخلفات والقمائم وطمس معالم مسار القناة (الخوو) بالإضافة إلى  وجود صندقات حديدية (محلات بيع صغيرة) بجانب البركة مباشرة تتسبب في إحداث تلوث مباشر للبركة  وتشويه منظرها.

وأخيراً تم إطلاق حملة مكثفة لتوعية وتحريك المجتمع، فقد تم تنفيذ 3 ورش توعوية بأهمية الحفاظ على هذا الغيل كمورد مائي تستفيد منه كافة شرائح المجتمع وكمعلم تاريخي فريد يمكن توظيفه سياحياً والاستفادة منه اقتصادياً. وقد استهدفت هذه الورش كل قطاعات المجتمع في شبام كوكبان (السلطة المحلية- المشايخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية المؤثرة- طلاب المدارس – النساء) ، وقد تم طرح التهديدات (المذكورة سابقاً) التي يتعرض لها الغيل  كمورد مائي ومعلم تاريخي.

وكان أهم ما خرجت به هذه الورش هو تفهم المجتمع بكل فئاته لمدى أهمية الغيل والمحافظة على موارده المائية، وتفاعلهم في صياغة رأي عام خلص إلى قرارات وحلول نابعة من المجتمع، وتم تنفيذها مباشرة بعد انتهاء الورش التوعوية. وتشتملُ هذه الحلول على منع بيع الماء إلى خارج شبام (وخاصة الذي يباع بالقاطرات إلى منطقة الاهجر لسقي القات)، وجدولة تشغيل المضخات في شبام وإلزام أصحابها بذلك، وإزالة الصندقات المشوهة لبركة غيل العوار وإيجاد مكان بديل لأصحابها، وتشكيل لجنة مجتمعية لمتابعة تنفيذ هذه القرارات، وكذلك لمتابعة معرفة وضع القناة من الداخل والأشخاص الذين يقع الضرر من منازلهم على القناة والرفع بذلك إلى شيخ المدينة وأعيانها. كما تم تكليف المجلس المحلي القيام بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالسعي إلى تأهيل معلم غيل العوار سياحياً.

قصص من الميدان