قصص من الميدان
سقايات مياه "العَرم" تنقذ حياة الأهالي من آثار الحرب
بحصول عشرات من أسر قرية العرم على أجور عملهم عن بناء سقايات مياه الشرب لهم، تحسَّن عدد من أساليب التكيف الضارة التي كان أهالي القرية قد اضطروا لها لمواجهة آثار الفقر المتزايد والتدهور الاقتصادي والاجتماعي بسبب الحرب القائمة في اليمن.
في هذه القرية النائية بمديرية ردفان (محافظة لحج)، عانى الأهالي من الفقر ونضوب الآبار المجاورة، ولم يعد بمقدورهم شراء المياه من البوزات بسبب تضاعف سعره سبعة أضعاف السعر في مدينة صنعاء. كانت نساؤهم وفتياتهم الصغيرات يضطررن للسفر لساعات طويلة لجلب المياه من قرى مجاورة على رؤوسهن وظهور الدواب وسط حر الصيف لتتعرض بعضهن للإجهاض وتخرج بعض الفتيات من التعليم.
كشفت مقابلات جماعية مع عينة من إجمالي 170 أسرة مستفيدة من المشروع عن تحسُّن أساليب معيشتها من عدة جوانب. وكان أبرزها توفير مياه الشرب المنقذة للأرواح بشكل مستدام. وقدم مشروع النقد مقابل العمل مئات من فرص العمل لأفراد الأسر الذين عاد كثير منهم من المدن بسبب الحرب، ليوفروا لأسرهم المياه ومن أجور عملهم الغذاء اللازم بعد أن كانت الأسر تقلص وجباتها واستغنت عن الكثير من المواد الغذائية والخضروات.
وأفادت عدد من الأسر أنها أعادت بناتهم إلى المدارس لهذا العام، واكتسب أفرادها مهارات البناء الأساسية مثل تهذيب الأحجار وطريقة البناء والتلييس. كما تمكُّنت أسر من شراء بعض الأصول الإنتاجية لمساعدتهم في إدرار الدخل مقابل لجوء بعضها سابقاً إلى الاستدانة وبيع مواشي ومقتنياتهم الثمينة.
توفّى المستفيد محمد ثابت احمد في وسط فترة تنفيذ المشروع، لتستكمل زوجته ذكرى أحمد باقي حصته من أيام العمل إلى جانب تحملها مسؤولية إعاشة أولادها الثلاثة الصغار. قالت ذكرى بأن السقاية المنفَّذة وأجور العمل جاءتا في أشد أوقات الأسرة على الإطلاق بسبب ظروف الحرب ووفاة زوجها. وبعد انتهاء المشروع، أضافت ذكرى بأن سقايتها كفتها من مهمة شاقة في جلب الماء لتتفرغ لتربية صغارها الأيتام وتدبير موارد لإعاشتهم .
السيدة شمس صالح قاسم صاحبة إحدى السقايات تقول "الآن الماء قريب من البيت، ولما احتاجه أجيبه من السقاية بسرعة خاصة واني كَسرا (تعرج أثناء المشي). كنا نجيب الماء من قرى اللصوب والسرايا أمشي لها ساعات." ولم تمنع إعاقة شمس من مشاركتها في بناء سقايتها إلى جانب زوجها علي أحمد قاسم، "نحن تعبنا واشتغلنا وبنينا وجبنا الحجار والماء وسط النُّزاف (الجفاف) وعمَّرناها. والفلوس اللي كان يعطوها لنا منها نبني ومنها نعالج بها عيالنا."
إنضم إلينا