قصص من الميدان
نجاة تحصن حياتها بالمعارف والخبرات والعمل خارج إحباطات الحرب
أنا فتاة ريفية جامعية طموحة أعيش مع كامل أسرتي في غرفة واحدة بإحدى قرى محافظة حجة. لم اذق نكهة الفرح خلال سنوات الحرب المريرة الا فرص متوالية صنعها الصندوق الاجتماعي للتنمية, فقد اختارني برنامج روافد التابع للصندوق الاجتماعي للتنمية لحضور دورة تدريبية في التطوع لمناصرة التنمية الريفية. وبالمعرفة التي اكتسبتها من روافد مكثت مليا أحلم بتفعيل كل ما تعلمته للدفع قدما بمجتمعي البائس بحجة.
وبرغم الحرب حل التمكين أخيراً في قريتي لأظل متفائلة جوار زميلاتي اللاتي طالما حاولن طبع إحباطهن في أذني "وما عساك فعله لوحدك فأنت بجناح واحد بالتعليم.. أنت فتاة لا يسمح لك بالاندماج في المجتمع الذكوري وفي التنمية واهتمام المجتمع كله منصب في الحرب واخباره!". ودون سابق انذار قنصت فرصتي وترشحت وفزت كاحدى عضوات مجلس تعاون قرية المركز بمديرية كعيدنة.
جاءت فرصتي الثالثة واختارني الصندوق لتوقيع أول عقد عمل في حياتي في مشروع تشغيل الشباب ببرنامج "التمكين" بمديرية الشغادرة حيث بذلت هناك أقصى ما استطيع من أجل التميز وتعززت معارفي ومهاراتي الاتصالية والاقناعية والتنظيمية مع المجتمع. وفيها فرحت كثيرا بعد أن رأيت المجتمعات الضعيفة تتأثر بتحفيزي والنساء تقتنع بدفعي لهن للخروج لمناصرة وتلبية احتياجاتهن وتنفيذ مبادرات تحقق أحلاماً حقوقية بحياة أقل معاناة.
تسلمت مستحقاتي سددت ببعضها الديون على أسرتي. ثم التحقت بتدريب مع منظمة على المهارات الحياتية وبدأت مشروعا صغيرا استثمرت فيه المبلغ المتبقي في شراء أدوات لأبدأ بصناعة العطور والبخور. خصصت جزءا منه لمساعدة اخي في شراء موتور لكسب عيشه به ويدعم مصاريف الاسرة وجزءا آخر من دخل عملي الجديد لدعم مصروف اخوتي للمدرسة. وقتها شعرت بنعمة عظيمة لم اكن احلم أن تتحقق أثناء حرب قاسية حرمت الجميع من تحقيق أبسط حلم لهم.
وبعد مرور عام من العمل توفرت لي فرصة عمل مجزية أخرى في برنامج التمكين في مديرية الجميمة هذه المرة حيث عملت لأشهر وعززت خبراتي أكثر من ذي قبل. وبنيت من دخلي غرفتنا الاضافية وها انا اكتب قصتي من داخلها رغم ان المبلغ لم يكف تكملتها مع التلييس والتشطيبات والاثاث. لكننا نعيش فيها بكامل الرضا والفرحة فوجودها مع عملي كان بالنسبة لي مثالاً غير تقليدي في قريتي على أهمية تعلم وعمل الفتاة في التنمية وبناء مسكن والحصول على عدة فرص عمل أثناء أسوأ الأوقات.
الاستشارية / نجاة علي محمد حبش ـ كعيدنة
إنضم إلينا